حضي أدب الطفل في البلدان الغربية باهتمام كبير، حيث اهتمت هذه الدول بمختلف الجوانب النفسية والصحية والاجتماعية والثقافية والتعليمية لأطفالها، كما بذلت جهودا كبيرة من أجل تطوير المؤسسات القائمة على رعاية الطفولة بمختلف هيئاتها، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها، مما سيهم في تنمية هذه الطاقة البشرية (الأطفال)، وإعدادها لبناء مستقبل مشرف لمجتمعاتها.

                ومن بين أهم الميادين التي اهتمت بها الدول المتقدمة وأولتها عناية كبيرة لتحقيق التنشئة الصحيحة للطفل هي: المناهج الدراسية، وكل ما يتصل بها من مكتبات وبرامج ووسائل تكنولوجية متطورة ومرافق...إلخ، وذلك لتحقيق الغايات المسطرة لذلك.

                وإذا نظرنا إلى أدب الطفل في العالم العربي نجد إهمالا كبيرا في مجال العناية بالطفل، و يعود السبب في ذلك إلى النظرة الهامشية والمتعالية تجاه هذه الفئة الحساسة من المجتمع (فئة الأطفال)، وإلى التقليل من أهمية كتبها وأدبها واعتبارهم من الكماليات، بينما في الحقيقة يعتبر أدب الطفل وسيط تربوي له تأثير فعال في حياة الأطفال، فهو يتيح الفرصة أمامهم لمعرفة الإجابات على مختلف استفساراتهم وتساؤلاتهم، ومحاولات الاستكشاف واستخدام الخيال يتيح الفرصة لهم أكثر لتحقيق الثقة بالنفس.

                فالأدب هو غذاء العقل والروح، وعامل مهم لنمو ذكاء الطفل، وتقوية شخصيته، وتوسيع مداركه وثقافته، وتطوير مهاراته وإبداعه.

                إذن فنظرا لأهمية هذا الأدب في توجيه الطفل الوجهة الصحيحة في الحياة، فقد توجهت الدول العربية في الآونة الأخيرة إلى بدل مجهودات معتبرة من أجل النهوض بهذا الأدب، فكان من الواجب توفير كل الوسائل والخبرات من أجل العمل وتوعية وتكوين الطفل، وتزويده بمختلف المتطلبات التي يحتاجها لتنمية قدراته وبناء سوي لشخصيته.

                ومن بين جوانب الاهتمام الذي أظهرته الدول العربية عامة والجزائر خاصة هو إدراج مقياس (أدب الطفل) ضمن البرامج المعتمدة في تخصص الأدب العربي في كثير من الجامعات العربية والجزائرية.

                ويقدم هذا المقياس (أدب الطفل) في الجامعة الجزائرية لطلبة السنة الثالثة ليسانس تخصص أدب عربي، ويصنف ضمن وحدة التعليم المنهجية، حيث اختيرت محاوره وموضوعاته بعناية، فهي مقدمة بشكل تدريجي، تنطلق من الماهية والمفهوم، إلى التعرف على أهمية أدب الطفل وأهدافه وخصائصه، لننتقل بعد ذلك إلى تقديم الأنواع الأدبية الأساسية المتمثلة في: القصة، المسرحية والشعر، والتي تمكن الطالب من الإطلاع على أهم معايير الكتابة فيها والتعرف على أهم خصائص كل فن من الفنون السابقة.

                كما يتيح هذا المقياس للطالب فرصة التعرف على أدب الطفل التفاعلي والافتراضي وسبل تطويره ليتماشى مع التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم، وأيضا دور السمعي البصري في ترقية أدب الطفل، ليتوصل الطالب في الأخير إلى التعرف على واقع هذا الأدب (أدب الطفل) في الجزائر وأفاقة.

                وفي النهاية يستطيع الطالب تكوين صورة عامة وشاملة نوعا ما حول أهم القضايا الأساسية والمطروحة في أدب الطفل.

                ويعد مقياس (أدب الطفل) من المقاييس المهمة نظرا لأهمية مفرداته وعلاقتها المباشرة بالتربية والتعليم، فالطالب في هذه المرحلة النهائية من ليسانس سينتقل من المسار الدراسي الجامعي النظري إلى المسار المهني، الذي ينحصر بالدرجة الأولى في المجال التعليمي (معلم في الطور الابتدائي)، فهذه الوجهة الحتمية تسمح له باستثمار ما تم دراسته في هذا المقياس وتطبيقه في مجال عمله، وتوظيف أهم معارفه ومعلوماته التي اكتسبها في مرحلة سابقة.